ابن السوداء أو عبد الله بن سبأ هو شخصية مختلف فى حقيقة وجودها حيث يرى بعض المؤرخين انها شخصية خيالية لا وجود لها
بينما يجزم البعض الآخر بأنها شخصية حقيقية ويعتبرونه مشعل الاضطرابات والاحتجاجات ضد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان بل يصفونه بأنه السبب الرئيسى وراء الفتنة الكبرى التى يعانى منها المسلمون و العرب حتى يومنا هذا .
كان من الغلاة بحب على بن أبى طالب ومدعٍ لألوهيته وربوبيته ، ويقال أنه أصل هذه الفكرة ومؤسس فكرة التشيع.
ويؤكد بعض المؤرخين أن بن سبأ أول من نادى بولاية على بن أبي طالب وبأن لكل نبى وصياً وأن وصى الأمة هو على بن أبي طالب، وهو أول من أظهر الطعن والشتم فى الصحابة خاصة أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة بنت أبي بكر زوجة الرسول محمد.
يعده العديد من المؤرخين مشعل الثورة على عثمان بن عفان والسبب فى وقوع معركة الجمل بعد ذلك. وينسب له أنه أول من غالى فى على وأضفى عليه صفات غير بشرية، مما اضطر علياً إلى التبرؤ منه.
كما يرى بعض المؤرخين الحديثين ان ابن سبأ أصل التشيع بصفة عامة وأصل الفتن الإسلامية الأولى كفتنة مقتل عثمان وحرب الجمل، ويرجعونه لأصول يهودية بحيث أن تشتت المسلمين كان نتيجة مؤامرة يهودية.
فى المقابل، ينفى المؤرخون الشيعة وجود ابن سبأ من الأساس، ويعتبروه مجرد قصة اختلقها أعداءهم للطعن في أصول الإسلام الشيعي من خلال إيهام عامة الناس بنظرية المؤامرة، ويحاجج البعض بإمكانية أن يكون شخص واحد قد أحدث هذا التأثير الكبير على مجرى تاريخ أمة بكاملها، فمثل هذه الأزمات في رأيهم تكون نتيجة عوامل كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية قد يكون ابن سبأ بما زعم عنه من تأثير عقائدى أحدها، لكنه لا يستطيع أن يختصرها جميعاً.
ولا غرابة أن يحدث هذا الاختلاف الكبير بين أهل العلم في تحديد هوية و نسب ابن سبأ ، فعبد الله بن سبأ قد أحاط نفسه بإطار من الغموض والسرية التامة حتى على معاصريه ، فهو لا يكاد يعرف له اسم ولا بلد ، لأنه لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له ، و حياكة المؤامرات والفتن بين صفوف المسلمين ، و لهذا لما سأله عبد الله بن عامر والي البصرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال له : ما أنت ؟ لم يخبره ابن سبأ باسمه و اسم أبيه ، و إنما قال له : إنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام ورغب في جوارك (تاريخ الطبرى)
وفى رأيى أن تلك السرية التامة التي أطبقها ابن سبأ على نفسه سبب رئيسي في اختلاف المؤرخين والمحققين في نسبة ابن سبأ ، و غير مستبعد أن يكون ابن سبأ قد تسمى ببعض هذه الأسماء التي ذكرها المؤرخون ، بل واستعمل بعض الأسماء الأخرى المستعارة لتغطية ما قام به من جرائم و دسائس في صدر الدولة الإسلامية .
غير ان عامة المؤرخين يتفقوا أن ابن سبأ من صنعاء في اليمن، لكن الخلاف إن كان من حِميَر أم من همدان؟ ولأنه من أم حبشية فكثيراً ما يطلق عليه “ابن السوداء”.
والذي اتفق عليه الذين قالوا بوجوده أن أصله يهودي أسلم زمن عثمان بن عفان، وأخذ يتنقل في بلاد المسلمين.
فبدأ بالحجاز ثم البصرة سنة 33 هـ، ثم الكوفة، ثم أتى الشام ثم مصر سنة 34 هـ واستقر بها، ووضع عقيدتي الوصية والرجعة، وكوّن له في مصر أنصاراً. استمر في مراسلة أتباعه في الكوفة والبصرة وفى النهاية نجح فى تجميع جميع الساخطين على عثمان فتجمعوا في المدينة وقاموا بقتل عثمان.
لعب عبد الله بن سبأ دوراً هاماً في بدء معركة الجمل، وإفشال المفاوضات بين على بن أبى طالب وبين طلحة والزبير.
كما أنه أول من أظهر الغلوّ وادعى الألوهية لعلي. فقام علي بإحراق بعض أتباعه، ثم قام بنفي ابن سبأ إلى المدائن.
وذكر الغدادي ( ت 429هـ ) أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلى سباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلى المدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه ، لاسيما و هو عازم على العودة إلى قتال أهل الشام .
وبعد استشهاد على، رفض ابن سبأ الاعتراف بذلك، وادعى غيبته بعد وفاته ويسمى أتباع ابن سبأ بالسبئية.
يرى بعض علماء السنة أن ابن سبأ يهودى دخل الإسلام نفاقاً ليكيد بالإسلام وأهله، ثم أخذ يتنقل بين البلدان الإسلامية مدعياً أن علي ابن ابى طالب أحق بالخلافة من عثمان بن عفان، وبالفعل أثار الشبهات، وجمع من حوله الأنصار وزحفوا من البصرة والكوفة ومصر إلى المدينة المنورة، ولكن على تصدى لهم وأوضح أن أى اعتداء على الخليفة إنما هو إضعاف للإسلام وتفريق للمسلمين، فأقنع المتمردين وقفلوا راجعين.
حينها أدرك ابن سبأ أنه على وشك الرجوع خائباً وأن الفرصة أوشكت أن تضيع، لذلك دبر مؤامرة جعلت المتمردين يرجعون ويحيطون ببيت عثمان ويحاصروه، ثم تسلق بعضهم الدار، وقتلوا عثمان وهو يقرأ القرآن سنة 35 هـ، وبمقتل الخليفة عثمان بن عفان كان ابن سبأ قد فتح باباً لفتن أخرى طال أمدها بين المسلمين وها هى مستمرة حتى يومنا هذا.