ما أجمل أن تكون واضح وصريح ومتصالح مع نفسك ولا تتخذ قرار إذا كنت فى قمة الغضب أو قمة السعادة ، أنسب وقت لاتخاذ القرار هوة الوقت الذي يكون فيه فيه جهازك العصبى بعيد عن أى انفعالات سواء سلبية أو إيجابية ، هو الوقت الذي تبعد فيه بضع خطوات عن الصورة لتراها كاملة ومن كل الزوايا وبعيدا عن النظرة الضيقة التى ستجعلك دون شك تجانب الصواب .
لا أخفى عليكم سرا عندما أقول أنى فى أحيان كثيرة لا أتعامل بهذا المنطق مع تفاصيل حياتى اليومية وأكتشف أنى أخطأت فى قرارى فأحاسب نفسي بطريقة أقرب ما تكون لطريقة جلد وتوبيخ الذات وهى فى الواقع طريقة تؤذينى كثيرا ، ولأنى لا أريد أن أرتكب نفس الحماقة فيما يخص إنتخابات رئاسة الجمهورية التى تفصلنا عنها أيام قليلة قررت أن أبعد جهازى العصبى عن التفاعل مع كل السخافات والحماقات وأحيانا _ الحقارات _ المحيطة بمناخ ترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة .
قررت وأنا على كوبرى أكتوبر أو فى أى ميدان عام أن أغض بصرى عن صور الفريق التي تعج بها أعمدة الإنارة حتى من قبل أن يعلن ترشحه ولا أفكر حتى فى اسم رجل الأعمال الذى أقدم على هذه الخطوة ولا فى مصدر تمويل كل هذا الصخب ، قررت أن أتجاهل تمثال السيسى الذى يباع حاليا على الأرصفة فى محاولة وقحة ومجهولة المصدر لإعادة إنتاج زمن اللات والعزى ونحن غرابة عك ..عك .. عك .. عك .. عك … عك .. عك . إلى ما لا نهاية .
قررت أن أتخلى عن إحساسي بالغضب والقرف الشديدين عندما أرى صور أطفال ورجال ونساء يضعون البيادة فوق رؤوسهم وأتجاهل صرخات ورد الجناين من قبورهم معترضين على هذا الكم الهائل من العبث الصادر من أساتذة صناعة الفرعون والعبيد وهم الذين دفعوا أرواحهم من أجل تحريرهم ونسف فكرة تأليه الحاكم من عقولهم ، قررت أصم أذنى عن شعار ” يا مشير أنت الأمير ” ولا أعير اهتماما لمج السيسي و بالونة السيسى وميدالية السيسى وتى شيرت السيسى ، وحتى لو فتحت الحنفية ونزل منها السيسى لن أنفعل ، التفكير السليم فرض عليا أن أكون بمعزل عن كل هذا العبث وأفكر فى الشخص نفسه فسألت نفسى كالتالى :
س: ماذا تريدى من رئيس الجمهورية القادم ؟؟
ج_ أن يحافظ على الأمن القومى للبلاد وحدود الدولة وأن يكون واجهة مشرفة لمصر على المستوى الدولى
س_ هل هذا فقط هوة سقف طموحك ؟
ج_ نعم ، فخيالى المريض صورلى بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو ان السماء ستمطر عيش وحرية وعدالة إجتماعية وسيعيش الشعب فى رغد ودلع _ وهشتكة _ وهوة الأمر الذى لا يستقيم أبدا مع إمكانيات الدولة وطبيعة شعب لا يستطيع إدارة اى جرعة زائدة من الحرية والتجربة العملية خير دليل ..
س _ ألن يفلح أى رئيس جديد فى توفير ظروف حياتية محترمة للشعب ؟؟
ج_ المسألة تحتاج خطة معقدة جدا ولو حصل ونفذت ستؤتى ثمارها على المدى البعيد أما الأن فلو حكم مصر _ جهبذ الجهابذة _ لن يكون لديه فى الإمكان أكثر من ما كان ..
س_ كيف ستكون مصر فى ظل حكم المرشحين المحتملين للرئاسة ؟؟
ج_ لو حكم صباحى سيخلع بعد أشهر قليلة وسندخل فى دوامة لا يعلم مداها إلا الله ، ولن يحكم أبو الفتوح ولا سامى عنان أصلا ، أما السيسى فسيكون فى رأيى الديكتاتور العادل
س_هل سيخرج الناس لخلع السيسى لو أخفق أو أصبح ديكتاتور ؟؟
ج_ لن يحدث ، حبيبك يبلعلك الظلط وعدوك يستنالك الغلط ، وخير مثال تمسك الناس بجمال عبد الناصر رغم هزيمة مصر فى نكسة 67 هزيمة يشيب لها الوليد فى بطن أمه وكان ديكتاتور عادل فظهر فى جنازته المعنى الحرفى لمصطلح ( أمواج بشرية )
إنتهت المناقشة الموضوعية مع نفسى ، وفاز فيها السيسى _ الذى أتوجس منه كل خيفة _ بمقعد رئيس الجمهورية ، ولذلك سأتجاهل كل شئ وأصوت له.
هناء عبدالفتاح صحفية مصرية