تجتذب البرتغال أعداداً غفيرة من السياح سنوياً بفضل مناخها المعتدل، خاصة في مدينة سينترا التى تقع على بعد حوالى 18 كيلومتراً شرق المحيط الأطلسي، ولذلك اتخذها ملوك البرتغال السابقون مقراً صيفياً لهم، وقاموا بتشييد قصر “بالاسيو دا بينا” بألوان زاهية وتصاميم غريبة، كأنهم سيعيشون للأبد في هذا القصر.
ويعتبر قصر “بالاسيو دا بينا” من أهم المعالم التاريخية والسياحية فى البرتغال، وبفضل تصاميمه الخارجية الأسطورية فإنه يُعد نقطة الجذب السياحى فى جبال سينترا التى تبعد حوالى 30 كيلومتراً شمال غرب العاصمة لشبونة.
وقد أطلق الرومان على هذه السلسلة الجبلية التي يبلغ ارتفاعها 529 متراً اسم جبل القمر، وتمتد هذه السلسلة حتى المحيط الأطلسى، ويصل أحد فروعها إلى منطقة “كابو دا روكا”، التى تعتبر أقصى نقطة غربية فى قارة أوروبا.
وينطلق قطار الضواحي من محطة السكك الحديدية روسيو بوسط العاصمة البرتغالية إلى منطقة سينترا كل 20 دقيقة، وتستغرق الرحلة إلى هناك أقل من 40 دقيقة.
وعلى النقيض من الجو الخانق في لشبونة، تنعم منطقة سينترا بمناخ معتدل، وهو السبب الرئيسي الذي دفع ملوك البرتغال في السابق لاتخاذها مقراً صيفياً لإقامتهم. ومع ذلك تتعرض المنطقة لهطول الأمطار بغزارة خلال فصلي الربيع والخريف، وهو ما يساعد على زيادة الثروة النباتية بها، والتي تظل بمنأى عن البرودة الشديدة خلال الشتاء.
ويتعين على السياح بذل بعض الجهد للاستمتاع بأروع إطلالة على منطقة سينترا والجبال المحيطة بها حتى يصل المنظر إلى المحيط الأطلسى كما يظهر الطريق شديد الإنحدار والمُعبد بالأحجار إلى قلعة “كاستيلو دو مورو” أو قلعة المغاربة التي تم تشييدها خلال القرن الثامن الميلادي، والتي لم يتمكن البرتغاليون من اقتحامها إلا عام 1147.
ولا تزال أطلال القلعة بحالة جيدة، ويتمكن السياح من دخولها عبر الأسوار ذات الشرفات المسننة، ولكن بشرط ألا يعانوا من الدوار وداء المرتفعات.
وفي الجولات السياحية التي تمتد ليوم واحد لن يتمكن السياح من التعرف على اللؤلؤة البرتغالية سينترا بشكل كافٍ، لذلك يتعين على الزوار عند التخطيط للرحلة البقاء في هذه المنطقة لمدة يومين؛ لأن طريق الرحلة خلال المناظر الطبيعية الجبلية يمر بالكثير من الفيلات الجديرة بالمشاهدة، والتي أقامها النبلاء خلال القرن التاسع عشر الميلادى، فعلى سبيل المثال يقع قصر “كوينتا دا ريجاليرا” وسط حديقة رائعة الجمال تزخر بالعديد من النباتات الغريبة.
ويعتبر هذا القصر، الذى يبدو كقصور الأساطير، فى الوقت الراهن مقراً لهيئة الثقافة الإقليمية.
وبالإضافة إلى ذلك يعتبر قصر بينا الوطني تحفة معمارية بحق ومبعث فخر لكل البرتغاليين، حيث تم إدراجه هو وكل المنطقة المحيطة به ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو خلال عام 1995.
وطبقاً لروح العصر الرومانسي قام المهندس المعماري الألماني البارون لودفيغ فون إيشفيغه بتكليف من زوجة الأمير فرديناندو الثاني، الألمانية الأصل، بمزج الأفكار التصميمية المستمدة من العصور الوسطى مع الطرز المعمارية الغريبة وإنشاء مبني يشبه القلعة، في مكان أحد الأديرة التي ترجع إلى العصور الوسطى.
وتوحي الأجنحة الملكية بأنه لا يزال هناك ملك يقيم في هذا القصر، ولا يزال الأثاث الأصلي بحالة جيدة، على الرغم من إلغاء الملكية في البرتغال عام 1910 وتحولها إلى النظام الجمهوري. ويفتح القصر أبوابه أمام الزوار للاستمتاع بالفخامة والرقي الملكي الغابر.