بدأتها هي ومن بعدها اعترفنا جميعا حين قالت «بنحب يا ناس نكدب لو قلنا مابنحبش»، ولم تكف يوما عن النصح «غنوا وحبوا وغنوا وقولوا»، و «احضنوا الأيام.. ».. وردة الجزائرية، المبهجة الصاخبة رغم رقة ملامحها وصوتها.
عاشت وردة حياة مليئة بالفرح، والغناء، والحب والفن، ولم تكن يوما من دعاة الكآبة أو الاستسلام للواقع رغم مرارته بعض الأحيان، كل من يعرفها قال عنها انها كانت شخصية فريدة، ثرية، وراقية، وكان أهم ما يميزها الإصرار، وهو ما ساعدها على الاستمرار في الوسط الفني رغم كل الصراعات التي كانت تشهدها، والشائعات التي حاصرتها طوال حياتها، إلى جانب الصراع مع السلطات، فرغم عزوفها عن السياسة،إلا أنها أُقحمت في حروب سياسية رغما عنها بداية مع خلافها الشهير مع جمال عبد الناصر، الذي ظن أنها على علاقة بالمشير عبد الحكيم عامر-رغم انها لم تكن تعرفه أصلا- فأمر بوقفها عن الغناء وترحيلها للجزائر، ومن بعده السادات الذي استاء من تقديم وردة لأغنية خاصة للرئيس الليبي آنذاك، القذافي، في حين أن العلاقة بينهما كانت مضطربة، فأمر بعقابها وحرمانها من الغناء في مبني الإذاعة والتلفزيون.
كانت وردة تغني منذ سن صغيرة لمشاهير مثل أم كلثوم،وعبد الحليم حافظ، وأسمهان،ثم بدأ معلمها، الموسيقي التونسي «الصادق ثريا» في صنع أغان خاصة بها،ونصح الأم بأن موهبة ابنتها سوف تدفن لوعاشت في فرنسا، وأنها تحتاج لمستمعين عرب، فقررت والدتها العودة إلى بيروت والاستقرار فيها، لتبدأ وردة أول خطوة في مشوار الغناء الاحترافي، جاءت وردة إلى مصر عام 1960 وهي لم تتجاوز العشرين من عمرها، وأطلق عليها المصريون اسم «وردة الجزائرية»، وخلال 50 عاما، أثرت وردة الغناء العربي بأعمال مع كبار الملحنين مثل: «السنباطى» و«عبدالوهاب» و«القصبجى» و«فريد الأطرش» و«الموجى» و«سيد مكاوى» و«بليغ حمدى» و«كمال الطويل» و«صلاح الشرنوبى» و«حلمى بكر».
ورغم حياتها الصاخبة المليئة بالفرح، إلا أن رحيلها كان هادئا جدا، حيث رحلت وحدها في منزلها الذي يطل على نيل القاهرة، وبعدها نقل جثمانها إلى الجزائر ليواري جسدها الثرى.
أسماء مصطفى