بجد ربنا لا يقهر قلب واحدة علي حبيب عمرها و لا قلب أم علي ولادها، تخيلوا لو واحدة في عز شبابها قلبها إتحرق و إتقهر علي “جوزها وإبنها” في نفس الوقت زي الست العجوزة الأسبانية اللي في الصورة دي…
الست دي إسمها “كارمن” و ملقبة ب”صاحبة الصبر الفولازي” ،إتولدت سنة ١٩٢٠ و هي عندها ١٤ سنة وقعت في سحر وحب وغرام شاب وسيم جداً كان شغال سواق أوتوبيس في العاصمة الأسبانية مدريد ومن ساعتها بدأت قصة عشق عظيمة وصلت للزواج سنة ١٩٤٠ وكانت “كارمن” بتقعد تستني حبيبها كل يوم في أقرب محطة الأوتوبيس لبيتهم عشان تديلوا الأكل والمياة الساقعة لما يعدي، وكانت لازم تطلع الأوتوبيس تديهملوا وتبوسوه بسرعة وتدعيله إن الرب يحفظه ويسهل طريقه، وكل يوم لما كانت بتعمل ده كان رد فعل الناس اللي في الأوتوبيس رائع بإنهم بيقعدوا يصقفوا smile emoticon
بعد سنتين من الجواز ربنا رزقهم بطفل وبرضوا فضلت كل يوم تروح تستني جوزها وحبيبها في نفس المحطة ومعاها الطفل الرضيع وناس كتير بيتفرجوا علي قصة الحب العظيمة دي بتكبر وبتقوي يوم بعد يوم قدام عنيهم …
وفي يوم أسود كئيب سنة ١٩٤٤، راحت الشابة “كارمن” ومعاها طفلها الصغير لمحطة الأوتوبيس عشان تدي لشريك عمرها وحبيب قلبها الأكل والشرب والبوسة والدعوة كالعادة زي كل يوم … ولكن اليوم ده كان مختلف لأن الأوتوبيس ماجاش وبعد ساعات من التوتر والتدوير في كل مكان في مدريد، تم إبلاغها بقتل جوزها علي يد رجال الدكتاتور فرانكو …
“كارمن” جالها حالة نفسية صعبة جداً و راحت علي أثرها مستشفي الأمراض العصبية للعلاج إلا إنها مستسلمتش للحزن و القهرة اللي في قلبها عشان كان فيه حاجة واحدة تخليها تستمر في الحياة عشانها … إبنها الجميل اللي هو بيمثلها “حصاد قصة حبها العظيم”
وبالفعل عاشت مع إبنها الوحيد و إديته كل بقية الحب و الحنان اللي عندها في قلبها و روحها بعد مقتل جوزها، ورفضت علي نفسها كل عروض الزواج وأي علاقة مع أي شخص آخر.
لغاية ما كبر الإبن و أصبح شاب وعشان يحاول يرد لأمه بعض اللي ضحت عشانه بكل شبابها وكل ما تملك، إتقدم عشان يشتغل في وظيفة سواق أوتوبيس في نفس الخط اللي والده كان شغال فيه ونجح وإستلم الشغلانة وكانت فرحة “كارمن” بيه لا توصف بأي كلمات…
وبدأت تروح تاني كل يوم علي نفس المحطة بالأكل والشرب ولكن المرادي لإنتظار إبنها الشاب القوي وتفتكر سنين عمرها مع حبيب وعشق قلبها وروحها ولكن الفرق الوحيد هو إن إبنها هو اللي كان بينزل من الأوتوبيس سريعاً عشان يبوس إيد أمه “كارمن” ويدعيلها بالصحة وطولة العمر وياخد الأكل والشرب وينطلق في طريقه عشان يكمل شغله…
تعدي السنين سريعاً جداً وتحصل صدمة كبيرة جداً جداً هي إن الأوتوبيس اللي سايقه إبنها عمل حادثة كبيرة وبشعة جداً وإتوفي علي طول من جراحه frown emoticon
الصدمة دي أثرت على “كارمن” جداً لدرجة إنها من لحظة سماعها بالحادثة سنة ١٩٧٩ لغاية اللحظة دي وهي عندها حالة نفسية مفيش حد عرف يحلها.. وهي إنها كل يوم بتروح تقعد في نفس المكان ومحطة الأوتوبيس …
دلوقتي “كارمن” عندها ٩٤ سنة وأي حد بيسألها أي حاجة بترد عليه وتقوله “أنا عارفة وواثقة إني حقابلهم قريب قوي وحنعيش كلنا في سعادة وسلام” …
ربنا يصبرها ويصبر كل حد عنده مصيبة في حياته …
قصة “كارمن” بقت من أشهر قصص الحب والإخلاص و في نفس الوقت أد إيه ممكن الصدمة تغير حياة إنسان تماماً ولكن بالصبر والإيمان كل حاجة بتعدي…
أعتقد إن كل واحد فينا لازم يحمد ربنا جامد أوي علي كل النعم اللي مديهالنا وحتي لو فيه حاجات وحشة أو مشاكل في حياتنا، إحنا بجد أحسن من غيرنا كتيييييير أوي ، “واللي يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته”.
*ملحوظة: الصورة لحجاجوفيتش مع كارمن في مدريد – أسبانيا