يقول ماثيو ووكر أستاذ الأعصاب وعلم النفس في جامعتي كاليفورنيا وبيركلي “النوم هو أفضل نظام صحي مجاني ديمقراطي متاح”.
احتفل العالم يوم الجمعة الماضي باليوم العالمي للنوم، وهو حدث سنوي تنظمه الرابطة العالمية للنوم في الجمعة الثالثة من شهر مارس، بهدف التذكير بفوائد النوم الجيد والصحي، وأضرار اضطراباته.
وفي القرنين الماضيين كان الحق في الكسل والنوم كمفاهيم اقتصادية مرتبط بكتاب المناضل اليساري الفرنسي بول لافارج، فكتاب “الحق في الكسل”، الصادر سنة 1880، كان يعادي استغلال الطبقة الارستقراطية للعمال الكادحين تحت راية “الحق في العمل”.
لكن في 2017 خرجت لنا دراسة من المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية بالولايات المتحدة الأمريكية، يرى أن النوم الجيد ضرورة لوقف نزيف الناتج المحلي الإجمالي.
وفي الدراسة التي صدرت تحت عنوان “لماذا النوم مهم؟ التكاليف الاقتصادية للنوم غير الكافي.. تحليل مقارن عبر البلاد”، تم بحث العبء الاقتصادي لعدم كفاية النوم في خمسة بلدان مختلفة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأوضحت نتائج هذه الدراسة أن عدم كفاية النوم يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وإنتاجية العمال.
ولا يحصل أكثر من ثلث البالغين الأمريكيين على قسط كاف من النوم بشكل منتظم، وهذا الوضع مشابه لما يحدث في باقي الدول الصناعية، حيث نسبة الأشخاص الذين ينامون أقل من ساعات النوم الموصى بها (من 7 إلى 9 ساعات) آخذة في الارتفاع.
ويؤدي النوم لساعات أقل لانخفاض معدلات التحصيل العلمي في المدارس وزيادة معدلات التأخير والغياب عن العمل وانخفاض الإنتاجية، وزيادة معدلات حوادث العمل، وفي النهاية زيادة معدلات الوفيات.
وبعد بحث مُعمق وجدت الدراسة أن العمال الذين ينامون أقل من ست ساعات يوميًا يفقدون 2.4 نقطة مئوية من الإنتاجية بسبب الغياب والتأخر عن العمل، مقارنةً بالذين ينامون من سبع إلى تسع ساعات.
ولوضع هذه الأرقام في نصابها الصحيح، على افتراض أن هناك 250 يوم عملا في السنة، فهذا يعني أن العامل الذي ينام أقل من ست ساعات يفقد حوالي 6 أيام عمل بسبب التغيب أو التأخر في السنة أكثر من العامل الذي ينام من سبع إلى تسع ساعات، وهذا يعني على المستوى الكلي أن خسائر الولايات المتحدة من قلة النمو تبلغ 2.38% من ناتجها الإجمالي، ما يساوي 411 مليار دولار، وهو رقم يفوق حاجم الناتج الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتصل خسائر اليابان إلى 2.92% من ناتجها الإجمالي، وهو معدل أعلى من الولايات المتحدة، ولكنه أقل من حيث القيمة المطلقة، بسبب صغر حجم الاقتصاد الياباني مقارنة بالولايات المتحدة، ما يوازي 138 مليار دولار، أو الناتج المحلي الإجمالي للمجر.
وتخسر ألمانيا حوالي 60 مليار دولار بسبب اضطرابات النوم أو قلته لدى الشعب الألماني، ما يساوي الناتج المحلي لغانا، وتخسر المملكة المتحدة حوالي 50.2 مليار دولار، ما يساوي الناتج المحلي لأوزبكستان، وتخسر كندا حوالي 21.4 مليار دولار، ما يساوي الناتج المحلي للسنغال.
واكتفت الدراسة ببحث أثر قلة النوم على خمس دول فقط من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولكنها أعطت مؤشرا هاما على خسائر العالم من قلة النوم.
وتستطيع الحكومات بالتعاون مع مجتمعاتها مواجهة ظاهرة اضطراب النوم وقلته، لكن صعود القوميين الذين يطالبوا المواطنين دائمًا ببذل الغالي والنفيس لتحسين الأوضاع العامة للدولة لا يبدو أمرًا مبشرًا للمطالبين بحق النوم والكسل، لكن على الأفراد أن يعلموا أن الكسل حق وواجب تجاه العمل والاقتصاد.