خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين توالت اكتشافات الغاز الطبيعي في منطقة المياه العميقة في البحر المتوسط، واحتاجت مصر لـ3 خطوات للاستفادة من هذه الاكتشافات العظيمة، أولها ترسيم الحدود مع دول الجوار، وثانيها جذب استثمارات أجنبية للتنقيب في منطقة مرتفعة التكلفة والعائد، لا تستطيع الحكومة تحمل مخاطرها، وثالثها تحويل مصر للمركز التجاري الرئيسي في المنطقة لتداول الغاز الطبيعي، عبر إقرار قانون ينظم ويسهل عملية التداول بين دول الجوار.
ومصر تمتلك البنية التحتية من معامل تكرير وخطوط أنابيب ومحطات تسييل للغاز وإعادة تصديره، على عكس باقي دول المنطقة، ولكن اتفاقيات التداول الحكومية كانت تواجه صعوبة بالغة وقيود شديدة، ما عرقل تطبيقها.
بالأمس أعلن رئيس الوزراء عن إصدار اللائحة التنفيذية، التي طال انتظارها، لقانون يسمح للقطاع الخاص باستيراد وبيع الغاز الطبيعي.
وأقر البرلمان العام الماضي قانون جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز، واللائحة التنفيذية التي صدرت أمس تجعل القانون نافذا.
ومن المتوقع، وفقا للتصريحات الحكومية، أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول مطلع 2019، ومن السهل بعد ذلك أن تقوم مصر بتصدير فائض إنتاجها للعالم، ولكن القانون يسهل الأن استيراد الغاز وتسييله وإعادة تصديره، كما يسمح بتسهيل استيراد الغاز وقت الأزمات للاستهلاك المحلي، وهو أمر بالغ الأهمية، حيث عانت مصر من عراقيل كثيرة لاستيراد الغاز فيما بعد ثورة 2011، الأمر الذي تسبب- جزئيا- في أزمة انقطاع الكهرباء ما بين 2012 و2014.
ويمهد جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز الطريق أمام شركات القطاع الخاص لاستيراد الغاز وتوزيعه في مصر وهي أنشطة تحتكرها الحكومة حاليا، ما يساهم في زيادة التنافسية في السوق، ليس فقط في مجال الاستيراد، بل وتحسين كفاءة منظومة توزيع الطاقة داخل مصر، ما يعني أن مصر ستشهد مرونة كبيرة في تدفق الطاقة لشرايين الاقتصاد المصري خلال وقت قصير، و يوفر بيئة خصبة لتدفق التمويل لباقي أفرع الاستثمار في مصر بشكل مستدام.
أمر هام أخر وهو زيادة الثقل السياسي للقاهرة في المنطقة، فالدولة التي تتحكم في تداول أهم مورد طبيعي للثروة في المنطقة، سيكون لها تأثير كبير في صناعة القرار الإقليمي، ويكفي متابعة الصراع القبرصي التركي على أحواض الغاز في شمال البحر المتوسط، واهتمام مصر بتقوية وتعزيز أسطولها البحري، لتأكيد اهتمام كافة دول المنطقة، العسكري والسياسي والاقتصادي بالسيطرة على شرق البحر المتوسط.
وفي متابعتها لتطورات الأزمة التي أثارتها تصريحات المستشار “هشام جنينة” الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، نوهت صحيفة “الشروق” تحت عنوان (حبس هشام جنينة 15 يوما على ذمة التحقيقات)، وقالت إن ذلك يأتي على خلفية تصريحه الخاص فى شأن احتفاظ رئيس أركان الجيش المستدعى الفريق سامي عنان بوثائق وأدلة يدعي احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها حال اتخاذ أي إجراءات قانونية قبل المذكور.
وإقليمياً، أشارت الصحف إلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان التي اعتبرتها تهديداً للمجتمع الدولي عامة، ولدول الجوار التركي خاصة، ونقلت الصحف عن أردوغان إعلانه أمس أن ” بلاده ستدافع عن “حقوقها فى قبرص وإيجه مثلما تفعل فى عفرين بالشمال السوري”. وأضافت أن ذلك يأتي بعد أن اتهمت قبرص – الدولة العضو بالاتحاد الأوروبى – الجيش التركى بعرقلة عمل سفينة تنقب عن الغاز تابعة لشركة «إيني» الإيطالية.