هو الصيدلانى والمنجم الفرنسى الشهير نوستراداموس أو ميشيل دى نوسترادام و الذى يوصف بانه اشهر العرافين على مر العصور .
ولد عام 1503 وعاش 63 عاما .. ونشر مجموعات من النبوءات فى كتابه Propheties النبوءات عام 1555 والتى أصبحت منذ ذلك الحين مشهورة في جميع أنحاء العالم.
يحتوى الكتاب تنبؤات بالأحداث التي اعتقد أنها سوف تحدث فى زمانه وإلى نهاية العالم الذى توقع أن يكون فى عام 3797 م وكان يقوم بكتابة الأحداث على شكل رباعيات غير مفهومة.
ولد ميشيل دى نوستردام ظهيرة يوم 14 ديسمبر عام 1503 فى جنوب فرنسا من عائلة يهودية .
فى عام 1512م تخلت الأسرة عن ديانة اليهودية واعتنقت العقيدة الكاثوليكية، وكان نوستراداموس حينها يناهز التاسعة من عمره، فيما أدرج والده عام 1512م على أنهما عضوان في الجماعة المسيحية الجديدة.
كان نوستراداموس الابن الأكبر وكان له 4 أخوة إلا انه كان ذكيا و نابغة و بدأت تظهر آثار هذا الذكاء وهو لم يزل في أول شبابه.
وقد أوكل أمر تعليمه إلى جده جان Jean الذى علمه قواعد اللاتينية والإغريقية والعبرية وأصول الرياضيات والتنجيم الذي يسميه نوستراداموس ” العلم السماوى”.
أيد صحة النظرية الكوبرنيكية التي تقول بأن العالم كروي ويدور حول الشمس قبل مقاضاة غاليليو Galilio بسبب الاعتقاد ذاته بأكثر من 100 سنة. وبسبب ذلك قلق عليه من موقفه هذا لأن ذلك العصر كان عصر محكمة التفتيش Inquisition، وبما أنهم كانوا يهوداً في السابق فكان وضعهم أكثر ضعفاً من أغلب الناس.
ولذلك أرسله والده عام 1522م لدراسة الطب في مدينة مونبيلييه وكان عمره 19 عاماً آنذاك.
كان الطاعون متوطناً في جنوبي فرنسا في ال قرن 16 وبشكل خاص نوع خبيث يعرف محلياً باسم « الطاعون الأسود» ولم يستطع أن ينكر أحد شجاعته في مواجهة المرض وإنسانيته تجاه المرضى وكرمه تجاه الفقراء.
وفى 1525م ذاع صيته على أنه رجل مشفٍ وهو ما يزال في هذه المرحلة المبكرة من حياته.
وارتحل من مدينة إلى أخرى موزعاً أدويته الخاصة على المصابين، وكان يستخدم طرق ابداعيه في العلاج فيما أمكن العثور على وصفات بعض هذه الأدوية فيما بعد في كتاب نشره عام 1552 م .
فى عام 1534 م تقريباً تزوج شابة من طبقة اجتماعية رفيعة، وعلى قدر كبير من الجمال والسحر اسمها مارى جورج، رزق منها بولد وبنت وكانت حياته تبدو متكاملة.
ولكن حدث أن وصل الطاعون إلى آغن Agen حيث كان يقيم في تلك الفترة، وعلى الرغم من كل ما فعله من جهود، فقد قتل زوجة نوستراداموس وطفليه الاثنين، وكان لحقيقة عجزه عن إنقاذ عائلته أثر فاجع في مسار مهنته.
ثم تزوج بإمراه أخرى في العقد الخامس من عمرها فتأثرت بالطاعون وماتت هى الاخرى وتزوج بثالثه ثم ماتت وحرم الزواج على نفسه .
كانت القشة التى قصمت ظهره عام 1538، إذ اتهم بالهرطقة لأنه حدث أن أبدى ملحوظة دون قصد قبل ذلك بسنين وقد نقلت هذه الملحوظة للسلطات، فقد علق نوستراداموس على عامل يقوم بصب تمثال برونزى للعذراء بأنه إنما كان يصنع الشياطين .
ومع أنه كان يقصد ما يفتقر إليه التمثال من عنصر جمالى، وهكذا أرسلت محكمة التفتيش فى طلبه من أجل أن يذهب إلى تولوز ، إلا انه هرب مبتعداً قدر الإمكان عن سلطات الكنيسة على مدى السنوات الست التالية.
بداية قدرته على التنبؤ :
فى عام 1550م انتقل نوستراداموس إلى مدينة صالون الفرنسية – المكان الذي بدأ فيه كتابة تنبؤاته.
ووقعت حادثة طريفة أثناء زيارة نوستراداموس إلى مدينة صالون عندما طلب رؤية شامات موجودة على جسم صبى فى الحاشية، كان ذلك شكلاً من أشكال التنبؤ الشائعة فى ذلك الوقت، إلا أن الصبي استحيا وهرب.
توجه نوستراداموس في اليوم التالي لرؤيته وهو نائم، ثم أعلن بعد ذلك أن هذا الصبي سيكون في يوم من الأيام ملكاً على فرنسا على الرغم من أن كاترين كان لها ولدان على قيد الحياة وكان ذلك الصبى هو هنرى النافارى Henri of Navarre الذى أصبح فيما بعد الملك هنري الرابع.
سافر إلى إيطاليا وفيها رأى راهباً شاباً كان يعمل مربياً للخنازير يمر به فى الشارع، فركع أمامه مباشرة وناداه بـ « قداستكم» وقد أصبح ذلك الشاب الذى يدعى فيليتش بيرتى Felice Peretti سيكستوس الخامس Sextus V عام 1585 بعد وفاة نوستراداموس بوقت طويل .
أثارت تنبؤاته جدلاً واسعاً في أوساط الكنيسة وعند الملوك والحكام، خاصة عندما كانت تتعلق بوراثة العرش أو موت الملك أو هزيمة جيش أو ما إلى ذلك.
ولعل ما فعلته زوجة غوبلز وزير الدعاية في حكومة هتلر إبان الحرب العالمية الثانية، عندما فرغت من قراءة بعض نبوءات نوستراداموس والتى لم تكن على هواها ، أيقظت جوبلز من نومه، ففزع من هذه التنبؤات وعلى الفور لجأ للدعاية المضادة واستخدم منجم يدعى كرافت، وكان الغرض من ذلك إحداث تأثير عكسي على شعوب أوروبا .. إلا انه و رغم كل ما فعل الالمان فقد صدقت نبوءات نوستراداموس بهزيمة ألمانيا و انتحار هتلر .
ويقال أنّه من أشهر تنبؤاته والتي اذهلت الجميع أيضا انه بعد انتهاء الثورة الفرنسية باربعة ايام عام 1799 قام ثلاثة سكارى فرنسيين بنبش قبره فوجدوا جثته ومعلق على صدره قلاده كبيره محفور عليها بخطه تاريخ وفاته على جانب وعلى الجانب الاخر وجدوا ما يلي مكتوبا ” بعد انتهاء الثورة الكبرى بايام – وكُتِبَ تاريخ اليوم الذي نبشوا فيه قبره – سيقوم ثلاثة سكارى بنبش قبري وعندما يقرؤا اخر نبوئاتي سيهلعون وتطاردهم الشرطة فتقتل اثنان ويصاب الاخر بالجنون” وفعلا ما ان قرؤوا هذا فهلعوا وركضوا وطاردتهم الشرطة فتطلق عليهم النار ليموت اثنان وعندما يرى صديقهم مقتلهم يصيبه الجنون ليثبت نوسترادموس حتى بعد موته انه بحق ظاهرة تستحق الدراسة!!!
إلا انه اتضح بعد ذلك ان هذه الحكاية ليست سوى مشهد من فيلم سنيمائى عن قصة حياته قام ببطولته الفنان العالمي Orson Welles في عام 1981 تحت اسم The Man Who Saw Tomorrow أي ان هذه النبؤة محض خيال ليس الا.
قرر نوستراداموس الاستقرار بها بقية حياته وتزوج آن بونسار غيميل Anne Ponsart Gemelle وهي أرملة ثرية ولايزال يمكن رؤية المنزل الذي قضى فيه بقية حياته على مبعدة من بلاس دي لا بواسونيري Place de la poissonnerie وبفضل الحياة الهادئة استطاع أن يركز أكثر على البصيرة التنبؤية وكتاباته.
وبعد 1550 أنتج تقويماً سنوياً وبعد عام 1554 أنجز «التكهنات» La Prognostications ويبدو أن هذين الكتابين شجعاه على الشروع بهمة في كتابه «التنبؤات» The prophecies والذي انطوى على قدر كبير من التعب.
حول نوسترادموس الغرفة العلوية من منزله في بلدة صالون إلى غرفة مطالعة، وكان كما يخبرنا في التنبؤات يعمل في الليل بكتبه الخاصة بالغيبيات كما أنه قام بإحراق الكثير منها بعد أن أنهى العمل بها مباشرة ولكن يصعب تصديق ذلك، لعله في ذلك كان يحاول تضليل سلطات الكنيسة.
في عام 1555 أكمل نوستراداموس الجزء الأول من كتابه الخاص بالتنبؤات التي كان لها أن تحتوي على تكهنات تبتدئ بزمانه وحتى نهاية العالم.
كتب اشعاره بأسلوب مبهم وغامض يمتلئ بمفردات من لغات متعددة مثل اللاتينية البروفنسالية والإيطالية والإغريقية.
وقصد ذلك حتى يتجنب مقاضاته على أنه ساحر أو مشعوذ، فقد قصد خلق حالة من الإرباك في تسلسل التنبؤات فلا تنكشف أسراره للناس العاديين.
وجدت النسخة الاصلية عام 1555 م، ثم توالت النسخ الأخرى عنها في القرن السادس عشر وما بعده وجدت هذه النبؤات ارضا صالحة لها بعد ظهور هتلر الذى جاء فى النبؤات اسمه: (هيستر)، وكان نابليون بونابرت يحمل كتاب النبؤات دائما معه، وكذلك هتلر الذي استعاره من زوجة اعلامه ودعايته جوبلز ، كما كان لا يفارق مكتب الوزير الأول لاليزابيث الأولى ملكة بريطانيا ووجد أيضاً في مكتبة الفاتيكان، وترجم إلى مئات من اللغات المتداولة.
وانتشرت شهرة نوسترداموس بسرعة في طول فرنسا وعرضها بفعل قوة التنبؤات التى نشرت بشكل غير كامل عام 1555 تضمن القرون الثلاث الأولى وجزء من القرن الرابع فى ذلك الزمن التي كانت الكتب فيها ترفاً لم يكن يملكها ولا يقرأها سوى الأغنياء لأن معظم الناس كانوا أميين.
بدأ النقرس الذي كان يعانى منه يتحول إلى داء الاستسقاء ، فأدرك بوصفه طبيباً أن نهايته أصبحت وشيكة ، فكتب وصيته ف السابع عشر من يونيو عام 1566.
وفي الأول من يوليو، أرسل في طلب القس المحلي ليجرى له الطقوس الأخيرة، ووجدت جثته فى صباح اليوم التالى كما توقع بنفسه، وترك مبلغاً كبيراً من المال علاوة على ممتلكات عينية أخرى.
وعندما توفي دفن واقفاً فى جدار في أحد جدران كنيسة كورديلييه في بلدة صالون، بفرنسا، وأعيد دفن جثته إبان الثورة في الكنيسة الأخرى في صالون، وهى كنيسة سان لوران St. Laurent حيث لا يزال يمكن رؤية قبره وصورته الشخصية المرسومة.