يتعين على المناطق التابعة لبريطانيا الكشف عن مالكي الشركات المسجلة لديها بعد أن رضخت الحكومة البريطانية أمس لمطالب البرلمان بتحسين الشفافية في المناطق المعروفة ب”الملاذات الضريبية”.
وأمهلت الحكومة البريطانية مناطق بينها جزر كايمن وجزر فيرجين وجزر توركس اند كيكوس حتى 31 ديسمبر 2020، ليكون لديها سجلات علنية لما يسمى بالملكية النفعية وإلا فإنها ستواجه تدخلا مباشرا من لندن.
ورغم أن حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي كانت تفضل نهجاً اكثر تصالحية، إلا أنها اقرت أمس بأنها لن تستطيع منع تعديل في مجلس العموم يؤيده العديد من النواب.
واشارت منظمة الشفافية الدولية الى ان هذه “لحظة مهمة للغاية في مكافحة الفساد” في انحاء العالم”، وقالت ان “هذه المناطق تشكل نقطة ضعف لدفاعاتنا ضد الأموال القذرة”.
وعلى الحكومة المصرية أن تهتم بهذا القرار الجريء، فجزر كايمن هي سادس أكبر مستثمر في مصر، بينما تقع جزر فيرجين في المركز الحادي عشر ضمن قائمة دول العالم المستثمرة في مصر، وبالطبع لا تمتلك هذه الدول الصغيرة ثروات تستثمرها في مصر، لكنها مجرد ملاذات ضريبية للمستثمرين الأجانب والمصريين على حد سواء، تمنحهم فرص تأسيس شركات معدومة الضرائب وسرية البيانات.
وقد فشلت الحكومة المصرية في حالات شهيرة في استرجاع ثرواتنا المنهوبة عبر هذه الملاذات كما فشلت في التحفظ على أموال المتهمين بالإرهاب الذين حولوا جزء من أموالهم لهذه الملاذات، هذا بالإضافة إلى معضلة التهرب الضريبي، وإضعاف الاقتصاد عبر تدمير تنافسية صغار المستثمرين، غير القادرين على التهرب الضريبي.
وكأي دولة نامية فشلت مصر في مواجهة تلك الظاهرة بشكل منفرد، ولكن القرار البريطاني الصادر أمس سيحمي العالم، ولو بشكل محدود، من تأثير هذا التهرب، ولكن على الجانب الأخر سيكون من الصعب على رجال الأعمال، الذين اعتادوا التهرب من التزاماتهم تجاه المجتمع، أن يلتزموا بدفع ضرائبهم بانتظام.
لذا من المرجح أن يتجه رجال الأعمال لطرق جديدة لتهريب ثرواتهم، ربما عبر العملات الرقمية الجديدة، أو أي طريق أخر، وعلى الحكومة أن تسبق احتمالات وترجيحات التهريب هذه المرة.
منظمة النزاهة العالمية قدرت تكلفة سوء التسعير، وهو من أهم وسائل التهرب الضريبي باستخدام الملاذات الضريبية في الفترة ما بين ٢٠٠١ و٢٠١٠ على مصر بحوالي 22.3 مليار دولار، بمتوسط 2.3 مليار دولار في السنة، فإذا استطاع العالم أن يغلق ملاذًا للفساد أهدر ثروات الأمم لفترة طويلة، فليس علينا أن نقف مكتوفي الأيدي في الوقت الذي يصنع فيه الفاسدون ملاذًا جديدًا.