قيل: ذهب أبو نواس مع رجل بخيل ليستأجر له داراً للسَّكن، فلمّا وقف بباب الدَّار أقبل سائل فقير عليه هيئة العُدم، وتقدَّم من البخيل وقال له: حسنة لله يا مولاي.
فقال له البخيل: فتح الله عليك. فذهب في سبيله .. وبينما هما واقفان جاء آخر وقال: صدقة يا سيِّدي ممَّا أَعطاك الله.
فقال البخيل: حنَّنَ الله عليك، سِر في طريقك .. فمضى السائل.
وبعد برهةٍ جاء ثالث فصرفه أيضاً، وجاء رابع فقال: أعطِيني يا سيِّدي ممَّا أعطاك الله. فقال البخيل: اللهُ يعطيك. فمضى الرجل.
والتفتَ الرجل البخيل إلى أبي نواس وقال: لقد أَعْجَبَنِيْ البيت لولا كثرة السائلين في هذه الجهة.
فقال أبو نوّاس: لا خوف عليك يا سيِّدي منهم ما دمتَ تحفظ هذه الجملة التي تصرفهم بها، وليس يضرُّك من أمرهم شيئاً مهما كثروا أو قلّوا.
فخجل الرّجل وذهب دون أن يستأجر البيت.