كتبت : داليا فكري
نشرت صحيفة الفاينينشال تايمز دراسة تؤكد أن مصر ستغرق في ظلام دامس الصيف المقبل وقد أكدت الدراسة أن المصريون إعتادوا على الإنقطاع المتكرر للكهرباء في الصيف, ولكن عندما تتطلب وحدات أجهزة التكيف طاقات ستزيد الأحمال على محطات إنتاج الكهرباء المصرية المجهدة بالفعل.
ولكن تظهر الأن مؤشرات أسوأ عن عدم تحمل محطات الطاقة لهذه الأحمال مع الإنقطاع الكهرباء وهو الأمر الذي أصبح أمر إعتيادي خلال هذه الشهور الباردة, حيث أن توفير الغاز الطبيعي عجز عن مجاراة الطلب المتزايد على الطاقة.
هذا النقص في الطاقة أصبح من الشدة لدرجة دفعت المسئولين الحكوميين والمستثمرين على حد سواء لأن يعترفون بإنعكاساتها الخطيرة على قطاع الصناعة, وقد أكد برونو كاريه (Bruno Carré), الرئيس التنفيذي لأسمنت السويس,أحد أكبر مصنعي الأسمنت في مصر, قال أن نقص توفير الغاز لمصانعه أدى لأن يخفض المصنع من طاقته الإنتاجية بنسبة 50%.
وقد قال برونو: “اللعبة الأن هي تحويل تلك المصانع التي تنتج الطاقة من الغاز على حساب الكيانات الصناعية الكبرى,” وأضاف. “لقد كنا نخطط لبناء مخزوننا السنوي قبل الصيف, ولكننا لا يمكننا حتى الإنتاج بالمعدلات الطبيعية.” وللحفاظ على حصتها السوقية,فإن الشركة بدأت في إستيراد الأسمنت لبيعه بالسوق المصري, حسب قول السيد كاريه, وهو ما يؤثر على تضائل الإحتياطي من العملة الأجنبية الذي تعانيه البلاد بالفعل.
فقط منذ أعوام قليلة,كان ينظر لمصر على إنها مصدر للغاز المسيل للعالم, ولكن خليطاً من النمو المتزايد لطلب السوق المحلي, والتأخر في خطط تنمية أبار جديدة ومتأخرات شركات النفط العالمية أدت جميعها لهذه الأزمة
التصدير كان يحصل على كل ما يحتاجه من الإنتاج إلا أن التوقف والطلب المتزايد تسبب في أن الحكومة قامت بتحويل مستويات عالية من إنتاج الغاز من الشركات الاجنبية مثل BG Group إلي الشبكة المحلية. شركة النفط والغاز والتي تحصل على 18% من إنتاجها من مصر, أعلنت حالة الظروف القهرية في يناير بسبب فشلها في تحقيق إلتزاماتها التصديرية.
والقاهرة أيضاً مديونة بما يقرب من $4.8 مليار دولار لشركات النفط الدولية.
وحتى ضخ مليارات من الدولارات والمنتجات البترولية المجانية من دول الخليج فشل في إيقاف تفاقم أزمة الطاقة. ولإنها كانت سعيدة بالإنقلاب الذي ازاح الرئيس محمد مرسي, الرئيس الإسلامي المنتخب, وأعاد سيطرة الجيش السياسية,فإن السعودية,والإمارات العربية المتحدة والكويت قد فاضوا بما يقرب من الـ $16 مليار دولار في مصر لدعم نظامها العسكري الجديد.
المحللين والمسئولين قالوا أن نقص الطاقة يثقل كاهل مصر بشدة ذلك الدعم والذي لم تجرأ أي حكومة قط من الإقتراب منه. كل المصريين, أياً كانت دخولهم, يستفيدون من دعم كبير على الطاقة والذي يتوقع أن يكلف الدولة $20 مليار دولار من موازنة العام الحالي,والتي تنتهي في يوليو, وفقاً لما صرح به شريف إسماعيل, وزير البترول.
إصلاح هذا النظام المسرف, والذي يستحوذ على 20% من الإنتاج الحكومي, ومخاطر إثارة الإضطرابات الإجتماعية سوف تكون واحدة من التحديات العاجلة التي سوف يواجهها عبد الفتاح السيسي, وزير الدفاع والذي يتوقع على نطاق واسع أن يصبح رئيس البلاد القادم.
وعلى الرغم من أنه لم يتم تحديد موعداً للإنتخابات الرئاسية, ولكنها على الأغلب سوف تحل في أثناء حرارة الصيف القادم, ومن المحتمل أن تسبب تفاقم في مشكلة إنقطاع الكهرباء القادمة مما سيؤدي لزيادة توتر المزاج العام.
لقد صرح السيد إسماعيل الشهر الماضي أن مصر بحاجة لأن تستورد منتجات بترولية بقيمة $1 مليار دولار وعليها تأمين كميات مهولة من الغاز الطبيعي في أوقات الإستخدام القصوى للطاقة بالصيف
ولقد صرحت وزارة البترول في فبراير الماضي أنها في المرحلة النهائية لترسية عقد المناقصة والتي تأخرت كثيراً لإنشاء محطة تسييل الغاز والتي سوف تسمح بإستيراد الغاز الطبيعي المسيل ليتدفق في البلاد, ولكن الخبراء يقولون أنه أصبح الأمر متأخراً للغاية لإدراك ذلك قبل حلول الصيف القادم.
مصنعي الأسمنت يحذرون أيضاً من أن إستيراد الغاز سيكون أيضاً مكلفاً للغاية. طبقاً للسيد كاريه,فإن الإستيراد سيكلف 12-15 دولار لكل وحدة حرارية إنجليزية – مقارنة بستة دولارات $6 لكل وحدة للغاز المحلي والذي تدفع الشركات حالياً. المصنعيين يدفعون دفعاً ليسمح لهم لإستيراد الفحم على الرغم من معارضة وزارة البيئة، وخلال الأيام الأخيرة أمر رئيس الوزراء بحكومة الإنقلاب بدراسة سريعة لهذه المسألة، مما يشير إلى تغيير محتمل في السياسات.
الخبراء والمسئولون والمستثمرون يقولون أن خفض الدعم سيتيح للحكومة أن تفي بإلتزاماتها تجاه شركاءها الأجانب, وسوف يشجع شركات النفط والغاز العالمية للإستثمار في أبار المياه العميقة المكلفة للغاية. الأسعار الواقعية للمنتجات البترولية كما يقولون, سوف تساهم في ترشيد إستخدام الكهرباء وتحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة.
يقول محمد شعيب رئيس قسم الطاقة في شركة القلعة أحد الشركات الإستثمارية : “الدعم هو السبب في كل ما نعانيه الأن,” وأضاف. “نحتاج لأن نبدأ فوراً في تحرير الأسعار بالتوازي مع تقديم الدعم النقدي للأسر الفقيرة. لقد وصلنا لنقطة حرجة. ونحن أيضاً ندخل في عصر الفقر المائي لذا فنحن بحاجة للطاقة لتحلية مياه البحر. نحتاج لأن نعمل تحت رؤية شاملة لتلبية إحتياجاتنا من الطاقة على الأقل حتى عام 2030.”
ويقول هو وآخرين أن يجب أن نضع هدفا فوريا لوضع آليات مستدامة تضمن للشركاء الأجانب أن الدولة ستكون قادرة على سداد ديونها.
“لقد أثرت الديون على إستثمارات منتجب الغاز,”كما يقول مارتن مورفي,المحلل بشركة وود ماكينزي, وهي شركة للإستشارات وأبحاث الطاقة. “أعتقد أن إنتاج الغاز لن يتعافى قريباً لمستويات إنتاج عام 2012 على مستوى الآجل القصير. فهي بيئة صعبة للغاية للشركات لتضع إستثمارات بعدة مليارات من الدولارت بهذه البيئة.”